كتاب
تبرئة الشيخين الامامين
من تزوير اهل الكذب
******
من تأليف
العالم العامل ، والاستاذ الفاضل ، الشيخ سليمان بن سحمان
من علماء نجد الاعلام
أثابه الله تعالى ونفع به
آمين
****
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له آله الأولين والآخرين ، وقيوم السموات والأرضين ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله الصادق الأمين ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين .
( أما بعد ) فاني قد وقفت سنة الف وثلاثمائة وثلاثين بعد الهجرة النبوية على منظومة وشرحها تنسب إلى الأمير محمد بن اسمعيل الصنعاني رحمه الله تعالى أرسلها إلينا بعض الاخوان وهي بقلم محمد بن حسين بن محسن الانصاري اليماني فلما تأملتها علمت يقينا أنها موضوعة مكذوبة على الامير محمد بن اسمعيل الصنعاني وذلك ان اعترضه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بذلك اعتراض جاهل يتمعلم يصان عنه كلام الامير محمد بن اسمعيل الصنعاني لعلو قدره ن وعظم فضله وامامته ، وتمام رغبته في اتباع السنة وذم البدع وأهلها ، فكيف يجوز ان ينسب إليه مثل هذا الكلام الذي لا يقوله إلا جاهل لا يعرف الادلة الشرعية ، والاحكام المعلومة النبوية ؟ وهل يقول مثل هذا الاعتراض الا جاهل فلو لم يكن عن الامير محمد قول يناقض هذا لعلمنا أنه لا يقوله لأنه يناقض ما ذكره في ( تطهير الاعتقاد ) وفي غيره من كتبه .
وقد بلغني ان الذي وضع هذا النظم وشرحه رجل من ولد ولده وهو اللائق به لعدم معرفته ورسوخه في العلم فاستعنت الله على رد أفكه وعدوانه وكذبه وظلمه وبهتانه ، ليعلم الواقف عليها براءة الامير محمد بن اسمعيل منها وانها موضوعة مكذوبة عليه .
قال شارح النظم لما بلغت هذه الابيات نجداً وصل غلينا بعد أعوام من بلوغها رجل عالم يسمى الشيخ مربد بن أحمد التميمي كان وصوله في شهر صفر عام ست وسبعين ومائة والف وأقام لدينا ثمانية أشهر وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطه وفار تنافي عشرين من شوال سنة رجع إلى وطنه وصل من طريق الحجاز مع الحجاج وكان من تلامذة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي وجهنا إليه الابيات وأخبرنا ببلوغها ولم يأت بجواب عنها وكان قد تقدم في الوصول غلينا بعد بلوغها الشيخ الفاضل عبد الرحمن النجدي ووصف لنا من حال ابن عبد الوهاب أشياء أنكرناها من سفك الدماء ونهب الأموال وتجاريه على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفيره الامة المحمدية في جميع الاقطار إلى آخره .
( والجواب ) أن نقول قد كان من المعلوم عند الخاص والعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد نشأ يفي أناس قد اندرست فيهم معالم الدين ووقع فيهم من الشرك والبدع ما عم وطم في كثير من البلاد إلا بقايا متمسكين بالدين يعلمهم الله تعالى وأما الاكثرون فعاد المعروف بينهم منكراً والمنكر معروفاً ، والسنة بدعة والبدعة سنة ، نشأ على هذا الصغير وهرم عليه الكبير ففتح الله بصيرة شيخ الاسلام بتوحيد الله الذي بعث الله به رسله وأنبياءه فعرف الناس ما في كتاب ربهم من أدلة توحيده الذي خلقهم له وما حرم الله عليهم من الشرك الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه فقال لهم ما قاله المرسلون لاممهم ( أن اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) فحجب كثيراً منهم عن قبول هذه الدعوة ما اعتادوه ونشأوا عليه من الشرك والبدع فنصبوا العداوة لمن دعاهم إلى توحيد ربهم وطاعته ولمن استجاب له وقبل دعوته وأصغى إلى حجج الله وبيناته كحال من خلا من أعداء الرسل كما قال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً ) وقال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )
إذا تحققت ما ذكرته لك من حال الشيخ رحمه الله تعالى ودعوته إلى توحيد الله بأنواع العبادة وترك عبادة ما سواه وما كان عليه أهل نجد قبل دعوته إلى دين الله ورسوله فاعلم ان هذا الرجل الذي يسمي مربد بن أحمد رجل من أهل حريملا لا يعرف بعلم ولا دين ولا كان من تلامذة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ولم يكن له قدم صدق في هذا الدين ولا معرفة له بل كان ممن شرق بهذا الدين لما أظهره الله ودخل الناس في دين الله أفواجاً وكان قد ألف ما كان عليه قومه من الشرك بالله من دعاء الاولياء والصالحين وغير ذلك مما كان عليه أهل الجاهلية وداخله بعض الحقد والحسد فأوجب له ذلك تلفيق ما موه به من الأكاذيب والترهات على الشيخ محمد رحمه الله وفر إلى صنعاء لما دخل اهل نجد في دين الله ولم يكن له في نجد مساعد على هذه الاكاذيب وكذلك الرجل الاخر المسمى بعبد الرحمن النجدي لم يكن من أهل العلم والدين ولا يعرف له نسب ينتمي إليه بل كان من غوامض الناس الخاملين وقد انقرض عصر الدرعية وبعده بأعوام لم نسمع لهذين الرجلين بخبر ولم نقف لهما على أثر وكان قد دخل أهل اليمن في ولاية المسلمين وعرفوا صحة هذا الدين ولم يشتهر هذا النظم عن الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله ولا هذا الشرح ولا ثبت هذا الرجوع عنه (1) ولا ظهر ولا اشتهر في تلك المدد المديدة والسنين العديدة ، حتى جاء هذا المزور فوضع هذه المنظومة وجعل عليها هذا الشرح اللائق به ، فلله الحمد وله المنة حيث كان نظامه واعتراضه بهذه المثابة ، التي لم تكن على طريق الحق والاصابة ، بل كان مبناه على شفا جرف هار من الاكاذيب والترهات ، التي لا يصغى إليها إلا القلوب المقفلات ، ولا يغتر بها إلا أهل الجهالات والضلالات ( افمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) ومن جملة هذه الاكاذيب ما ذكره عن عبد الرحمن النجدي من الاوضاع التي لا تجدي أن شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يسفك الدماء وينهب الاموال ويتجارى على قتل النفوس ولو بالاغتيال وتكفير الامة المحمدية في جميع الاقطار وهذا كله كذب وسيأتي الجواب عن ذلك إن شاء الله تعالى.
( فصل )
وأما قوله فبقي معنا ترد فيما نقل الشيخ عبد الرحمن النجدي حتى وصل الشيخ مربد بن احمد وله نباهة ووصل ببعض رسائل ابن عبد الوهاب التي جمعها في وجه تكفير أهل الإيمان وقتلهم ونهبهم وحقق لنا أحواله إلى آخر ما قال .
( فالجواب ) أن يقال قد كان من المعلوم أن هذا الرجل كما وصفنا حاله أولاً أنه لا يوثق بنقله ولا يعول عليه لنقصان دينه وعقله ، فأما ما ذكر من تكفيره لأهل الايمان وقتلهم ونهبهم فكذب وبهتان ، وزور وعدوان ، فلم يكفر رحمه الله إلا عباد الاوثان من دعاة الاولياء والصالحين وغيرهم ممن أشرك بالله وجعل له أنداداً بعد اقامة الحجة ووضوح المحجة وبعد أن بدوه بالقتال فحينئذ قاتلهم وسفك دماءهم ونهب أموالهم ومعه الكتاب والسنة واجماع سلف الامة وأئمتها وقد وافقه الامير محمد بن اسماعيل على ذلك وأقره عليه .
( واما قوله ) وحقق لنا أحواله وأفعاله وأقواله .
( فالجواب ) أن يقال قد تقرر عند الخاصة والعامة أن ما ذكره هذا المفتري من حال الشيخ وأفعاله وأقواله إذا تأملها المنصف تحقق يقينا أنه لا حقيقة لها وغنما هي كسراب بقية يحسبه الظمآن ماء حتى إذا ما جاءه لم يجده شيئاً ، وقد ظهر كذب هذا وأظهر الله هذا الدين وبلغ مشارق الارض ومغاربها وانتشرت هذه الدعوة فلم تبق ارض إلا وقد بلغتهم وأقروا بها ودخلوا في دين الله وعرفوا صحة هذا الدين وأنه على ما كان عليه السلف الصالح والصدر الاول في الفروع والاصول ؛ ولكن هؤلاء الملاحدة ينفرون الناس عن الدخول فيه ( يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) واظهره الله وهو كارهون ، وحيل بين القوم وبين ما يشتهون ( وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون ) .
( وأما قوله ) فرأينا أحوال عرف من الشرع شطراً ولم يمعن النظر .
( فالجواب ) ان يقال هذا قول جاهل ( جهله ) مركب لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فهل يقول عاقل فضلاً عن العالم انه عرف احوال الشيخ ورآها وهو لم يذكر مما عرف ولا مما رأى شيئاً يخالف كتاب الله وسنة رسوله أو كلام العلماء فبماذا عرفها ورآها ؟ أبخير هؤلاء الزنادقة المفترين الذين لا يعول على قولهم ونقلهم رجل يؤمن بالله واليوم الآخر ؟ أم عرف ذلك من رسائل الشيخ ومصنفاته ؟ فإن كان عرفها من رسائل الشيخ ومصنفاته فهلا ذكرها بلفظها في هذا الاعتراض حتى يتبين للمنصف صدقه أو كذبه ، وهل هو من أهل العلم الراسخين أو من الجهلة المتمعلين ؟ فهذه كتب الشيخ ومصنفاته موجودة معلومة ليس فيها ولله الحمد والمنة شيء مما ذكره هؤلاء الزنادقة ( الذين يصدون عن سبيل الله من امن به ويبغونها عوجا ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ) ولا آمن أن يكون هذا الرجل المسمى مربداً قد ادخل في رسائل الشيخ التي زعم أنه اتاهم بها من الكذب والزور ما هو اللائق بعقله ودينه والله عند لسان كل قائل وقلبه ، وهو المطلع على نيته وكسبه وحسبنا الله ونعم الوكيل .
نعم قد ذكر هذا المعترض ما نقله الشيخ محمد رحمه الله عن شيخ الاسلام ابن تيمية قدس الله روحه من إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قتال أهل الردة وإنهم لم يفرقوا بين ما نعي الزكاة وغيرهم ولا بين المقر بها والجاحد لها بل سموهم كلهم أهل الردة ، وكذلك ذكر إجماع التابعين مع بقية الصحابة على كفر المختار بن أبي عبيدو على قتله ، وإجماع التابعين على كفر الجعدين درهم وعلى قتله وعلى كفر العبيدين ملوك مصر وقتالهم وزعم أن هذا كله لا إجماع فيه ، وزعم أن من فعل كما فعل أهل الجاهلية من كفار قريش وغيرهم من دعاء الانبياء والأولياء والصالحين والالتجاء إليهم والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم أن كفره كفر عمل لا يخرج من الملة وانهم قد آمنوا بالله ورسوله لا تباح دماؤهم وأموالهم كما ستقف على كلامه إن شاء الله تعالى .
( وأما قوله ) ولا قرأ على من يهديه نهج الهداية ويدله على العموم النافعة ويفقهه فيها .
( فالجواب ) أن يقال أما الهداية فبيد الله تعالى لا يملكها أحد سواه وقد قال رحمه الله في رسالته إلى محمد بن عبد الله بن عبد اللطيف وأما ما ذكر لكم عني فإني لم آته بجهالة ولله الحمد والمنة وبه القوة بل أقول ( انني هداني ربي إلى صراط مستقيم * دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) ولست ولله الحمد ادعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين اعظمهم مثل ابن القيم أو الذهبي أو ابن كثير أو غيرهم ، بل ادعو إلى الله وحده لا شريك له وادعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصى بها أول أمته وآخرها – إلى آخرها فهو ولله الحمد على صراط مستقيم . وقد بذل الجد والجهد في الدعاء إليه .
وأما أسباب الهداية من القراءة على العلماء والرحلة في طلب العلم وغير ذلك من الاسباب فقد ذكر علماء نجد طرفاً منهم الشيخ أبو بكر حسين بن غنام رحمه الله تعالى قال في تاريخه ما ملخصه :
(( وكان مولده رحمه الله سنة خمس بعد المائة والالف من الهجرة النبوية في بلد العيينة من أرض نجد ونشأ بها وقرأ القرآن بها حتى حفظه وأتقنه قبل بلوغه العشر وكان حاد الفهم سريع الادراك والحفظ يتعجب أهله من فطنته وذكائه ، وبعد حفظ القرآن اشتغل وجد في الطلب وأدرك بعض الأرب قبل رحلته لطلب العلم وكان سريع الكتابة ربما كتب الكراسة في المجلس . قال أخوه سليمان وكان والده يتعجب من فهمه ، ويعترف بالاستفادة منه مع صغر سنه ، ووالده مفتي تلك البلاد وجده مفتي البلاد النجدية ، آثاره وتصنيفه وفتاواه تدل على علمه وفقهه وكان جده إليه المرجع في الفقه والفتوى ، وكان معاصراً للشيخ منصور البهوي الحنبلي خادم المذهب اجتمع به بمكة . وبعد بلوغ الشيخ سن الاحتلام قدمه والده في الصلاة ورآه أهلا للإمامة ثم طلب الحج إلى بيت الله الحرام ، فأجابه والده إلى ذلك المقصد والمرام ، وبادر إلى قضاء فريضة الاسلام ، وأداء فريضة الاسلام ، وأداء المناسك على التمام ، ثم قصد المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، وأقام بها قريباً من شهرين ن ثم رجع إلى وطنه قرير العين ، واشتغل بالقراءة في الفقه على مذهب الامام أحمد رحمه الله ثم بعد ذلك رحل يطلب العلم ، وذاق حلاوة التحصيل والفهم ، وزاحم العلماء الكبار ورحل إلى البصرة والحجاز مراراً واجتمع بمن فيها من المشايخ والعلماء الاخيار ، وأتى إلى الاحساء وهي إذ ذاك آهلة بالمشايخ والعلماء فسمع وناظر وبحث واستفاد ، وساعدته الاقدار الربانية بالتوفيق والامداج ، وروي عن جماعة منهم الشيخ عبد الله بن إبراهيم النجدي ثم المدني وأجازه من طريقين وأول ما سمع منه الحديث المسلسل بالاولية كتب السماع بالسند المتصل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم (( الراحمون يرحمهم الرحمن فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) وسمع منه مسلسل الحنابلة بسنده إلى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا اراد الله بعبده خيراً استعمله )) قالوا كيف يستعمله ؟ قال (( يوفقه للعمل الصالح قبل موته )) وهذا الحديث من ثلاثيات أحمد رحمه الله . وطالت إقامة الشيخ ورحلته إلى البصرة وقراً بها كثيراً من الحديث والفقه والعربية وكتب من الحديث والفقه واللغة ما شاء الله في تلك الأوقات وكان يدعو إلى توحيد ويظهره لكثير ممن يخالطه ويجالسه ويستدل عليه ، ويظهر ما عنده من العلم وما لديه ، وكان يقول ان الدعوة كلها لله لا يجوز صرف شيء منها إلى سواه ، وربما بمجلسه اشارات الطواغيت أو شيئاً من كرامات الصالحين الذين كانوا يدعونهم ويستغيثون بهم ويلجئون إليهم في المهمات ن وكان ينهى عن ذلك ويزجر ، ويورد الأدلة من الكتاب والسنة ويحذر ، ويختبر أن محبة الاولياء والصالحين إنما هي متابعتهم فيما كانوا عليه من الهدى والدين وتكثير أجورهم بمتابعتهم على ما جاء به سيد المرسلين ، وأما دعوى المحبة والمودة مع المخالفة لسنته ولطريقته فهي دعوى مردودة غير مسلمة عند النظر والحقيقة ن ولم يزل على ذلك رحمه الله .
ثم رجع إلى وطنه ووجد والده قد انتقل إلى بلد حريملا فاستقر فيها ، يدعو إلى السنة المحمدية ويبديها ن ويناصح من خرج عنها ويفشيها ، حتى رفع الله شأنه ورفع ذكره ، ووضع له القبول ، وشهد له بالفضل ذووه من أهل المعقول والمنقول ن وصنف كتابه المشهور ( بالتوحيد ) وأعلن بالدعوة إلى الله العزيز الحميد ، وقرأ عليه هذا الكتاب المفيد ، وسمعه كثير ممن لديه من طالب ومستفيد ، وشاعت نسخه في البلاد ، طار ذكره في الغور والانجاد ، وفاز بصحبته واستفاد ، من جردالة – وسلم من الاشرار والبغي والفساد ، وكثر بحمد الله محبوه وجنده وصار معه عصابة من فحول الرجال ، وأهل السمت والكمال ، يسلكون معه الطريق ويجاهدون كل فاسق وزنديق )) .
فهذا بعض ما ذكره علماء وقته من حاله وأقواله وأفعاله وقراءته ورحلته لطلب العلم ومزاحمته للعلماء والمشايخ الكبار . فأين هذا من قول هؤلاء الزنادقة الجهلة الذي لا يعرفون بعلم ولا فضيلة ولا دين بل كان حظهم من ذلك الصد عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجاً وحسبنا الله ونعم الوكيل .
واما قوله بل طالع بعضاً من مؤلفات الشيخ أبي العباس ابن تيمية ومؤلفات تلميذه ابن القيم الجوزية وقلدهما من غير اتقان مع أنهما يحرمان التقليد .
( فالجواب ) أن نقول نعم قد طالع الشيخ رحمه الله مؤلفات شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وأسام ثاقب فكره في رياض تلك المؤلفات ، وورد من غير معين تلك الحياض الصافيات ، فازداد بها علماً وإيماناً ، وتحقيقاً وإتقاناً ، وأما دعوى التقليد لهما فلا حقيقة لذلك بل كان مقتدياً بهما ومتبعا لهما على ما أوضحا من الدليل من الكتاب والسنة وأقوال سلف الامة ، ونعم المقتدي بهما فانهما كانا على الصراط المستقيم .
وقوله ولما حققت لنا أحواله ورأينا في الرسائل أقواله .
( فنقول ) لم تتحقق على الحقيقة أحواله ، ولم تر بعين البصيرة ما في تلك الرسائل من أقواله ، اللهم إلا أن يكون هذا الرجل قد أدخل فيها مالاً ينبغي مما يصدق نزويره وبهتاته ، فاغتر بها من أصغى إلى هذيانه وعدوانه ، فلا مانع من ذلك لما انطوى عليه من عداوة أهل الاسلام وارادة التنفير والصد عن سبيل الله وليس ببدع ولا مستنكر من هؤلاء الزنادقة .
وأما قوله وذكر لي أنه أنما أعظم شأنه بوصول الابيات التي وجهناها إليه .
( فأقول ) لا جرم ان هذا القول لا يقول ه الامير بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله ولا يليق بحاله وجلالته وامامته وورعه وزهده وأنه لا يتشبه بما لم يعط فإن هذا الاكان ولا يكون ن وقد رفع الله قدر الشيخ بما علمه من العلم وما حباه من العقل ووضع له القبول في قلوب الناس قبل أن تصل إليه هذه المنظومة وهذه المقالة من هذا الشارح تدل على قلة عقله وعدم علمه ورغبته فيما عند الله فإنه إنما قال هذا ليترفع به ويتكثر به وهذا ليس من شأن العلماء العاملين والأئمة المحققين .
وأما قوله فإنه تعين نقض ما قدمناه وحل ما أبرمناه .
( فالجواب ) أن نقول وهذا مما يدل على أن هذا الكلام ليس من كلام الامير محمد بن إسماعيل فإنه كلام متناقض ينقضض آخره أوله لأنه ذكر في آخر النظم أنه لم يرجع عما قاله أولاً وأنه الحق وانما أنكر القتل والنهب وتكفير المسلمين وهذه الدعوى تخالف ما قاله في أول نظمه وتنافيه فعلمنا قطعا أن هذا النظم والشرح مكذوب موضوع عليه .
( وأما قوله ) ولما أخذ علينا الشيخ مربد ذلك تعين علينا لئلا نكون سببا في شيء من هذه الامور التي ارتكبها ابن عبد الوهاب المذكور كتبت أبياتاً وشرحتها إلى آخره .
( والجواب ) ان نقول وهذا أيضاً من نمط ما قبله فإنا قد بينا أولاً أن دعوة الشيخ رحمه الله إلى دين الله ورسوله ودخول الناس في هذا الدين أفواجاً حتى بلغ مشارق الارض ومغاربها لم تتوقف على ما ذكره في هذه الأبيات التي أثنى بها على الشيخ محمد رحمه الله وإنما استفاد هو منها ثناء المسلمين عليه بموافقته على الحق فإنه ذكر فيها أنه لم يكن معه على هذه الطريقة أحد ولم يتابعه فيها أهل بلده ووطنه بل كلهم مخالفون له فكيف يجوز مع ذلك أن يقول بما قال ولا حقيقة له وهذا مما يرزي به ولو كان ما ذكر حقاً وصدقاً فالله المستعان .
( وأما قوله ) واكثرت من النقل عن ابن القيم وشيخه لأنهما عمدة الحنابلة .
( فالجواب ) ان يقال كان الرجل المفتري على العلماء ما لم يقولوه يعرض بأن في كلام ابن القيم وشيخه شيخ الاسلام ابن تيمية ما يخالف ما قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويرد عليه وهذا كذب فإنه ليس في كلام الشيخ محمد رحمه الله ما يخالف ما قالاه وغنما يتكثر هذا بما ليس عنده وما لا حقيقة له ليوهم من لا علم له بمدارك الاحكام وكلام الائمة الاعلام انه قد أخذ على الشيخ محمد في كلامه ما يخالف كلام الشيخين والله عند لسان كل قائل وهو المطلع على نيته وكسبه .
( قال ) المعترض فيما زور على الامام الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني رحمه الله تعالى
رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي
ظننت به خيراً وقلت عسى عسى
فقد خاب فيه الظن لا خاب نصحنا
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد
وقد جاء من تأليفه برسائل
ولفق في تكفيرهم كل حجة
تجاري على اجرا دما كل مسلم
وقد جاءنا من ربنا في براءة
فاخواننا سماهم الله فاستمع
فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
نجد ناصحاً يهدي الانام ويستهدي
وما كل ظن للحقائق لي يهدي
فحقق من أحواله كل ما يبدي
يكفر أهل الارض فيها على عمد
تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
مصل مزك لا يحور عن العهد
براءتهم من كل كفر ومن جحد
لقول الآله الواحد الصمد الفرد
( والجواب ) ومن الله نستمد الصواب .
ألا قل لذي جهل تهور في الرد
وفاه بتزوير وافك ومنكر
وزور نظما للامير محمد
لعمري لقد أخطأت رشدك فاتئد
وقد صح ان النظم هذا تقول
وما كان هذا النظم منظوم عالم
ولكنه جهل صريح مركب
وها أنا ذا أبدي مخازيه جهرة
لتعلم أن الفدم هذا مزور
يخالف ما قال الامير محمد
فازرى به من حيث يحسب أنه
وحسبك من هذا ضلالا وفرية
فجاء على تزويره بدلائل
إذا صح ما قلنا لديك فقوله
رجوع عن الحق الذي هو ذاكر
إلى الغني من كفر وشرك وبدعة
فلو صح هذا وهو لا شك باطل
لكان لعمري ضحكة وتناقضا
فدونك ما ابدى من المدح والثنا
( ففي واسألي عن عالم حل سوحها
( محمد الهادي لسنة أحمد
( لقد انكرت كل الطوائف قوله
( وما كل قول بالقبول مقابل
( سوى ما أني عن ربنا ورسوله
( وأما أقاويل الرجال فإنها
( لقد سرني ما جاءني من طريقه
( وقد جاءت الاخبار عنه بأنه
( وينشر جهلاً ما طوى كل جاهل
( ويعمر أركان الشريعة هادماً
( أعادوا بها معني سواع ومثله
( وقد هتفوا عند الشدائد باسمها
( وكم عقروا في سوحها من عقيرة
( وكم طائف حول القبور مقبل
فهذا هو المعروف من حال شيخنا
وسار مسير الشمس في كبد السما ولم يبق أرض ليس فيها مجدد
فقل للذي أبدى خزاية جهله
أعد نظراً فيما توهمت حشنه
ودعنا من القول المزور والهذا فقد وافق الشيخ الامام محمد
وظن به خيراً وقد كان أهله
وقد جاءهم من أرضه متهوك
ففاه ببهتان وافك مزور
وقد جهل ذا جهل وليس بعالم
وظن طريق الرشد غيا بزعمه
واعمهه نور الهدى حين ما بدا
فما غرهم من جهله وافترائه
إلى أن تولى ذلك العصر وانقضى
فساغ لديهم زخرف القول وارتضوا
وقد زعم المأفون أن رسائلاً
يكفر فيها الشيخ من كان مسلماً
ولفق في تكفيرهم كل حجة
وذا فرية لا يمتري فيه عاقل
وقد كان في الاعراض ستر لجهله
ليخدع مأفونا ومن كان جاهلاً
فما كفر الشيخ الامام محمد ولا قال في تلك الرسائل كلها
ولكنما تكفيره لمن اعتدى
ويدعو سوى الرحمن جل جلاله
وينسك للأموات بل يستغيثهم
وذلك اشراك به لاتخاذه
من الحب والتعظيم والخوف والرجا
فان كان عباد القبور لديكمو
وهم كل اهل الارض والكل مسلم
وما قد تلي من آية في ضلالهم
ملفقة ليست لديكم بحجة
فما فوق هذا من ضلال وفرية
( وقد انكرت كل الطوائف قوله
كما قاله أعني الامير محمداً
وقالوا كما قد قلتموه تحكماً
( تجاري على أجرا دما كل مسلم
ثكلتك هل هذا كلام محقق
فجرتم وجرتم بالاكاذيب والهذى
كقولك في منظوم مينك فرية
( وقد جاءنا عن ربنا في براءة
( فاخواننا سماهم الله فاستمع
أقول تأمل لا أبالك نصها
فقيها البيان المستنير ضياؤه
ولكن أهل الزيغ في غمراتهم
وآذانهم صم عن الحق والهدي
أليست لمن تابوا من الكفر والردى
وصلوا وزكوا واستقاموا على الهدى
فأين الدليل المستفاد بانهم
فما كفر الشيخ الامام محمد
ومن لم يتب من كفره وضلاله
وأجرى دماهم طاعة وتقربا
فما كل من صلى وزكى موحداً
وعدعنا من التمويه فالحق واضح
الا فأرونا يا ذوي الغي والهوي
وجيئوا بتطهير اعتقاد لسيد
نقابل ما قلتم بما في كتابه
لكي تعلموا ان الامير محمداً
وتستيقنوا ان الاكاذيب هذه
ويعلم أهل العلم بالله انكم
لكي تطمسوا أعلام سنة أحمد
وأظهر مكنونا من الغي لا يجدي
وظلم وعدوان على العالم المهدي
وحاشاه من افك المزورذي الجحد
فلست على نهج من الحق مستبد
تقوله هذا الغبي على عمد
تقي نقي بالهدى للورى يهدي
ومنشئه عن منهج الرشد في بعد
وانقض ما يبديه بالحق والرشد
وأن الذي أبداه من جهله المردى
وقرر في ( التطهير ) تقرير ذي نقد
أشادله بيتا رفيعاً من المجد
على البعدا فضلاً عن الاب والجد
تعود على ما قال بالرد والهد
(( رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي ))
عن السلف الماضين من كل ذي رشد
الى غير ذا من كل أفعال ذي الطرد
وزور وبهتان من الناظم المبدي
لما قال في منظومة عن ذوي المجد
وما قال في ذم المخالف والضد
به يهتدي من ضل عن منهج الرشد)
فياحبذا الهادي وياحيذا المهدي )
بلا صدر في الحق منهم ولا ورد )
ولا كل قول واجب الطرد والرد )
فذلك قول جل ياذا عن الرد )
تدور على قدر الادلة في النقد )
وكنت أرى هذى الطريقة لي وحدي)
يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدى )
ومبتدع منه فرافق ما عندي )
مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد)
يغوث وود بئس ذلك من ود )
كما يهتف المضطر بالصمد الفرد )
أهلت لغير الله جهراً على عمد )
ومستلم الاركان منهن باليد )
ودعوته للخلق بالحق والرشد
وطبق من غرب البلاد إلى الهند
على أثره يقفو ويهدي ويستهدي
وأبرز منظوما خليا من الرشد
فإنك لم تنطق بحق ولا رشد
ومن افكك الواهي ومن جهلك المردى
وصح له عنه خلاف الذي تبدى
وكان على حق وبالحق يستهدى
جهول يسمى مربداً وهو ذو جحد
وكان عن التحقيق والحق في بعد
وقد انكر التوحيد للواحد الفرد
وقد الف المأفون كفرانه المردي
وفر إلى صنعا وفاه بما يبدي
زخارف ما ابداه ذو الزور والحقد
وجاء اناس بعدهم من ذوي الطرد
من الظلم والعدوان أقوال ذي الجحد
أتاهم بها فيها التجاوز للحد
وفي زعمه كل الانام على عمد
تراها كبيت العنكبوت لدى النقد
على أنه زور من القول مستبدي
ولكنه ابدى مخازيه عن قصد
وليس على نهج من الحق والرشد
جميع الورى حاشاه من قول ذي الطرد
بتكفير أهل الأرض من كل مستهدي
وحاد عن التوحيد بالجعل للند
ويرجوه بل يخشاه كالنعم المسدي
ويندب من لا يملك النفع للعبد
مع الله مالوها شريكاً بما يبدي
ومن كل مطلوب من الله بالقصد
هم المسلمين المؤمنين ذوي الرشد
وما منهمو من كافر جاعل الند
ومن سنة للمصطفى خير من يهدي
وتلك كبيت العنكبوت لدى النقد
يجيء بها اهل العناد ذوو الطرد
بلا صدر في الحق منهم ولا ورد )
وقد كان ذا علم عليما بما يبدي
وهمطا وخرطا لا يفيد ولا يجدي
مصل مزك لا يحول عن العهد )
كعالم صنعا ذي الدراية والنقد
ووضع مجالات على العالم المهدني
عليه بما تبديه من جهلك المردى
براءتهم من كل كفر ومن جحد )
لقول الاله الواحد الصمد الفرد )
تجد منهلا عذبا الذ من الشهد
لمن كان ذا قلب شهيد وذا رشد
وفي غيهم لا يرعوون لمن يهدي
وأبصارهم عن رؤية الحق كالرمد
ولم يشركوا شيئاً بمعبودنا الفرد
فهم إخوة في الدين من غير مارد
إذا لم يتوبوا لم يكونوا ذوي جحد
سوى من دعا الاموات من ساكن اللحد
واشراكه بالسيد الصمد الفرد
إلى الله في قتل الملاحدة الله
فأبد دليلاً غير ذا فهو لا يجدي
وليس به لبس لدى كل مستهد
كلاماً سوى هذي الاكاذيب مستبعد
امام محق ذي الدراية والنقد
وما قاله في الاحتجاج على الضد
بريء من المنظوم والشرح والرد
ملفقة لفقتموها على عمد
بذلتم على تلفيقها غاية الجهد
بتزوير افاك جهول وذي حقد
( فصل )
ثم قال في شرحه لما ذكر من الابيات المتقدم ذكرها وقد أوجبناه عليها : قال الله تعالى في المشركين ( فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين ) فقولنا براءتهم أي براءة كل مسلم مصل مزك .
( فالجواب ) ان نقول قد كان من المعلوم عند الخاصة والعامة ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى لما تبين في اظهار هذا الدين والدعوة اليه قد كان اهل عصره ومصره في تلك الازمان قد اشتدت غربة الاسلام بينهم وعفت أثار الدين لديهم وانهدت قواعد الملة الحنيفية وغلب على الاكثرين ما كان عليه أهل الجاهلية وانطمست اعلام الشريعة في ذلك الزمان وغلب الجهل والتقليد والاعراض عن السنة والقرآن وشب الصغير وهو لا يعرف من الذين إلا ما كان عليه اهل تلك البلدان وهرم الكبير على ما تلقاه عن الاباء والاجداد ، اعلام الشريعة مطموسة ونصوص التنزيل واصول السنة فيما بينهم مدروسة ، وطريقة الاباء والاسلاف مرفوعة الاعلام ، وأحاديث الكهان والطواغيت مقبولة غير مردودة ولا مدفوعة قد خلعوا ربقة التوحيد والدين وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعليق على غير الله من الاولياء والصالحين والاوثان والاصنام والشياطين وعلماؤهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون ، ومن بحر الاجاج شاربون ، وبه راضون ، وغليه مدى الزمان داعون ، قد اعشتهم العوائد والمألوفات ، وحبستهم الشهوات والارادات عن الارتفاع الى طلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات ، يحتجون بما رووه من الآثار الموضوعات والحكايات المختلفة والمنامات ن كما يفعله أهل الجاهلية وغبر الفترات ، وكثير منهم يعتقد النفع في الاحجار والجمادات ويتبركون بالآثار والقبور في جميع الاوقات ( نسوا الله فانساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون * الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم كفروا بربهم يعدلون * قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وان تقولوا على الله ما لا تعلمون )
( فأما بلاد نجد ) فقد بالغ الشيطان في كيدهم وجد ، وكانوا ينتابون قبر زيد بن الخطاب ، وبدعونه رغبا ورهباً بفصيح الخطاب ، ويزعمون أنه يقضي لهم الحوائج ، ويرونه من أكبر الوسائل والولائج ، وكذلك عند قبر يزعمون انه قبر ضرار بن الازور ، وذلك كذب ظاهر وبهتان ومزور ، وكذلك عندهم نخل فحال ، يبتابه النساء والرجال ن ويفعلون عنده أقبح الفعال والمرأة إذا تأخر عنها الزواج ، ولم ترغب فيها الازواج ، تذهب إليه فتضمه بيدها وتدعوه برجاء وابتهال وتقول : يا فحل الفحول : اريد زوجاً قبل الحول ، وشجرة عندهم تسمى الطرفية أغراهم الشيطان بها وأوحى اليهم التعلق عليها وانها ترجى منها البركة ، ويعقلون عليها الخرق ، لعل الولد يسلم من السوء وفي أسفل بلدة الدرعية غار في الجبل يزعمون أنه انفلق من الجبل لامرأة تسمى بني الامير اراد بعض الناس أن يظلمها ويضير ، فانغلق الغار ، ولم يكن له عليها اقتدار ، وكانوا يرسلون الى هذا المكان من اللحم والخبز ما بقتات به جند الشيطان – وفي بلدتهم رجل يدعي الولاية يسمى تاج ، يتبركون به ويرجون منه العون والافراج وكانوا يأتون غليه ويرغبون فيما عنده من المدد بزعمهم ولديه ، فتخافه الحكام والظلمة ويزعمون ان له تصرفا وفتكاً بمن عصاه وملحمة ، مع أنهم يحكون عنه الحكايات الشنيعة ، التي تدل على انحلاله عن أحكام الملة والشريعة ، وهكذا سائر بلاد نجد على ما وصفنا من الاعراض عن دين الله والجحد لاحكام الشريعة والرد .
ومن العجب ان هذه الاعتقادات الباطلة ، والمذاهب الضالة ، والعوائد الجائزة ، والطرائق الخاسرة ، قدفشت وظهرت ، وعمت وطمت ، حتى بلاد الحرمين الشريفين فمن ذلك ما يفعل عند قبر محجوب وقبة أبي طالب فيأتون قبره بالسماعات والعلامات للاستغاثة عند نزول المصائب ، وحلول النوائب ، وكانوا له في غاية التعظيم ، ولا ما يجب عند البيت الكريم ، فلو دخل سارق أو غاصب أو ظالم قبر أحدهما لم يتعرض له أحد لما يرون من وجوب التعظيم والاحترام والمكارم ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها في سرف وكذلك عند قبر خديجة رضي الله عنها يفعل عند قبرها ما لا يسوغ السكوت عنه من مسلم يرجو الله والدار الآخرة فضلاً عن كونه من المكاسب الدينية الفاخرة ن وفيه من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات وسوء الافعال ، ومالا يقره أهل الايمان والكمال ، وكذلك سائر القبور المعظمة المشرفة في بلد الله الحرام مكة المشرفة وفي الطائف قبر ابن عباس رضي الله عنهما يفعل عنده من الامور الشركية التي تشمئز منها نفوس الموحدين ، وتنكرها قلوب عباد الله المخلصين ن وتردها الآيات القرآنية وما ثبت من النصوص عن سيد المرسلين ، منها وقوف السائل عند القبر متضرعاً مستكيناً ، وإبداء الفاقة إلى معبودهم مستعيناً وصرف خالص المحبة التي هي محبة العبودية والنذر والذبح لمت تحت ذاك المشهد والبنينة وأكثر سوقتهم وعامتهم يلهجون بالاسواق : اليوم على الله وعليك يا ابن عباس فيستمدون منه الرزق والغوث وكشف الضر والبأس وذكر محمد بن حسين النعمي الزبيدي رحمه الله أن رجلاً رأى ما يفعل في الطائف من الشعب الشركية والوظائف فقال : أهل الطائف لا يعرفون الله إنما يعرفون ابن عباس فقال له بعض من يترشح للعلم : معرفتهم لابن عباس كافية لأنه يعرف الله فانظر إلى هذا الشرك الوخيم والغلو الذميم المباين للصراط المستقيم ووازن بينه وبين قوله ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان ) وقوله جل ذكره ( وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً ) وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود والنصارى باتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد يعبد الله فيها فكيف بمن عبد الصالحين ودعاهم مع الله والنصوص في ذلك لا تخفى على أهل العلم والايمان ن وكذلك ما يفعل بالمدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام هو من هذا القبيل ، بالبعد عن منهاج الشريعة والسبيل . وفي بندر جدة ما قد بلغ من الضلال حده وهو القبر يزعمون انه قبر حواء ، وصفه لهم بعض الشياطين ، وأكثروا في شأنه الافك المبين ، وجعلوا له السدنة والخدم وبالغوا في مخالفة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من النهي عن تعظيم القبور والفتنة بمن فيها من الصالحين . وكذلك مشهد العلوية بالغوا في تعظيمه وتوقيره وخوفه ورجائه . وقد جرى لبعض التجار أنه انكسر بمال عظيم لأهل الهند وغيرهم وذلك في سنة عشر ومائتين وألف فهرب إلى مشهد العلوي مستجيراً ولائذاً به مستغيثاً فتركه أرباب الاموال ولم يتجاسر أحد من الرؤساء والحكام على هتك ذلك المشهد والمقام واجتمع طائفة من المعروفين واتفقوا على تنجيمه في مدة سنين ن فنعود بالله من تلاعب الفجرة والشياطين .
واما بلاد مصر وصعيدها وأعمالها فقد جمعت من الامور الشركية ، والعبادات الوثنية والدعاوي الفرعونية ، ما لايتسع له كتاب ، ولا يدنو له خطاب ، لاسيما عند مشهد أحمد البدوي وأمثاله من العتقدين في المعبودين فقد جاوزوا بهم ما ادعته الجاهلية لآلهتهم وجمهورهم يرى له من تدبير الربوبية والتصريف في الكون بالمشيئة والقدرة التامة ما لم ينقل مثله عن أحد بعد الفراعنة والنماردة ، وبعضهم يقول يتصرف في الكون سبعة وبعضهم يقول أربعة وبعضهم يقول القطب يرجعون اليه وكثير منهم يرى ان الامور شورى بين عدد ينسبون اليه فتعالى الله عما يقول الظالمين علواً كبيراً ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .
وقد استباحوا عند تلك المشاهد من المنكرات والفواحش والمفاسد ما لا يمكن حصره ولا يستطاع وصفه واعتمدوا في ذلك من الحكايات والخرافات والجهالات ما لا يصدر عمن له أدنى مسكة وحظ من المعقولات ، فضلاً عن النصوص والشرعيات ، وكذلك ما يفعل في بلدان اليمن ، جار على تلك الطرائق والسنن ففي صنعاء وبرع والمخا وغيرهما من تلك البلاد ما يتنزه العاقل عن ذكره ووصفه ن ولا يمكن الوقوف على غايته وكشفه ، وناهيك بقوم استخفهم الشيطان وعدلوا عن عبادة الرحمن إلى عبادة القبور والشياطين فسبحان من لا يعجل بالعقوبة على الجرائم ، ولا يهمل الحقوق والمظالم وفي حضرموت والشحر وعدن ويافع ما تستك عن ذكره المسامع يقول قائلهم : شيء لله يا عيدروس شيء لله يا محبي النفوس – وفي أرض نجران من تلاعب الشيطان وخلع زبقة الايمان ما لا يخفى على أهل العلم بهذا الشأن من ذلك رئيسهم المسمى بالسيد لقد أتوا من طاعته وتعظيمه وتقديمه وتصديره والغلو فيه بما أفضى بهم إلى مفارقة الملة والاسلام والانحياز إلى عبادة الاوثان والاصنام ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله … وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ) .
وكذلك حلب ودمشق وسائر بلاد الشام فيها من تلك المشاهد والنصب والاعلام ما لا يجامع عليه أهل الايمان والاسلام من اتباع سيد الانام وهي تقارب ما ذكرنا في الكفريات المصرية والتلطف بتلك الاحوال الوثنينة الشركية – وكذلك الموصل وبلاد الاكراد ظهر فيها من أصناف الشرك والفجور والفساد – وفي العراق من ذلك بحره المحيط بسائر الخلجان وعندهم مشهد الحسين قد اتخذه الرافضة وثناً بل ربا مدبراً وخالقاً ميسراً وأعادوا به المجوسية وأحيوا به معاهد اللات والعزى وما كان عليه أهل الجاهلية – وكذلك مشهد العباس ومشهد علي ومشهد أبي حنيفة ومعروف الكرخي والشيخ عبد القادر ن فإنهم افتتنوا بهذه المشاهد رامضتهم وسنتهم وعدلوا عن أسنى المطالب والمقاصد ولم يعرفوا ما وجب عليهم من حق الله الفرد الصمد الواحد وبالجملة فهم شر تلك الامصار وأعظمهم نفوراً عن الحق واستكباراً والرافضة يصلون لتلك المشاهد ويركعون ويسجدون لمن في تلك المعاهد وقد صرفوا من الاموال والنذور لسكان تلك الاجداث والقبور ما لا يحصل عشر معشاره للملك العلي الغفور ، ويزعمون ان زيارتهم لعلي وأمثاله أفضل من سبعين حجة لله تعالى وتقدس في مجده وجلاله ، ولآلهتهم من التعظيم والتوقير والخشية والاحترام ، ما ليس معه من تعظيم الله وتوقيره وخشيته وخوفه شيء للاله الحق والملك العلام . ولم يبق مما عليه النصارى سوى دعوى الولدية ، غير أن بعضهم يرى الحلول لأشخاص بعض البرية ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) وكذلك جميع قوى الشط والمجرة على غاية من الجهل والمعروف في القطيف والبحرين من البدع الرفضية والاحداث المجوسية والمقامات الوثنية ، ما يضاد ويصادم أصول الملة الحنيفية . فمن اطلع على هذه الافاعيل وهو عارف بالايمان والاسلام وما فيهما من التفريع والتأصيل ، تيقن أن القوم قد ضلوا عن سواء السبيل ، خرجوا عن مقتضى القرآن والدليل . وتمسكوا بزخارف الشيطان ، وأحوال الكهان ، وما شابه هذا القبيل . وازداد بصيرة في دينه ، وقوى بمشاهدة ايمانه ويقينه ، وجد في طاعة مولاه وشكره ، واجتهد في الانابة إليه ومداومة ذكره ، وبادر إلى القيام بوظائف أمره ، وخاف أشد الخوف على إيمانه من طغيان الشيطان وكفره ، فليس العجب ممن هلك كيف هلك إنما العجب ممن نجا كيف نجا .
إذا تحققت ما ذكرته له أيها المنصف من حال أهل تلك الازمان وما هم عليه من الشرك بالله من دعاء الصالحين الاولياء والاستغاثة بهم لتفريج الكربات واغاثة اللهفات وإزالة الشدات ومعافاة أولي العاهات والبليات وإخلاص الدعاء لهم في جميع الطلبات إلى غير ذلك من أنواع العبادات فما وجه الاستدلال بقوله تعالى ( فان تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) على عدم تكفيرهم وقتالهم ونهب أموالهم إن كان يرى أن ما صدر من اهل تلك الازمان ممن أخذ ماله فيئاً وغنيمة هو الشرك الاكبر وعبادة الاصنام وهو صريح الرد على الله وعلى رسله وعلى أئمة الدين وان ما دعا اليه الشيخ وقرره وبينه هو توحيد رب العالمين ، الذي جاءت به الرسل . ونزلت به الكتب . وانهم قاموا أشد القيام في رده واطفائه وقاتلوا على ذلك بعد قيام الحجة واعتراف كثير منت علمائهم بانه الحق وانه دين الله فلا حرج حينئذ ولا إثم في أخذ تلك الاموال فيئاً وغنيمة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وعملاً بدينه وشرعه وان كان ما عليه من اخذت أموالهم من عبادة الصالحين والشرك بالله والاعراض عن دينه وقتال اهله ومعاداة من قام به وهو الاسلام وهو الحق وهم مصيبون في ذلك على بينه من الله فالذم على من حكم على أموالهم بهذا الحكم والعيب له وتجهيله يتجه ولا يعاب فالكلام في الاصل الذي تفرع عنه أخذ الاموال وجعلها فيئاً وحينئذ فالمعترض بهذا لا يرى أن عبادة الصالحين ودعاءهم والتوكل عليهم والذبح وتسويتهم بالله في الحب والخوف والرجاء والتعظيم شرك وضلال يبيح الاموال والدماء بعد قيام الحجة فلذلك عرض بأخذ الاموال وسفك الدماء بل ولا يرى ما كانت عليه البوادي من ترك دين الله والاعراض عما جاءت به الرسل وانكار البعث والرجوع في الدماء والاموال إلى ما حكمت به أسلافهم وعشائرهم مع الاستهزاء الصريح بدين الله ورسله مكفراً مبيحاً للقتال والمال . وشبهة الضال واخوانه من قبل انهم كانوا يقولون لا إله إلا الله ويصلون ويزكون ، والعلماء يكفرون بدون هذا من المكفرات ويرون ان أموال هؤلاء المرتدين فيء لا يختلفون في ذلك والله المستعان . نعم قد كان من بعض هؤلاء من دخل في الاسلام وبايع على ذلك ثم ارتد على عقبيه ونكث عهد الله وميثاقه وقاتل المسلمين وخرج عن طاعتهم فقاتلوه على ذلك لقوله تعالى ( وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر انهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ) .
( فصل )
قال الناظم
وقد قال خير المرسلين نهيت عن
فما باله لم يننه الرجل النجدي
فالجواب ان نقول
وقولك في منظوم مينك ضلة
(( وقد قال خير المرسلين نهيت عن
أقول نهم هذي الاحاديث كلها
وليس بها الحمد لله حجة
فمنصوصها في ترك من أظهر الهدى
فدلت على ترك لمن كان مظهراً
فيجري لهم حكم الظواهر جهرة
فان أظهر الكفر الذي هو مبطن
وليس على الاطلاق ما أنت مطلق
فقدهم خير المرسلين محمد
لانهمو لم يحضروا في جماعة
ولولا الذراري والنساء معللا
وما كان هم المصطفى بضلالة
وقد قتل الفاروق من ليس راضياً
ولم ينهه المعصوم عن قتل مثله
كما برأ من قتل خالد
فقالوا صبأنا قاصدين حقيقة
فأنكر هذا المصطفى ووداهمو
ولم ينته عن قتل من كان خارجاً
وهم انما فروا عن الكفر فاعتدوا
ويحقر أصخاب النبي صلاتهم
خلا أنه لم يأخذ المال منهو
فما قتل الشيخ الامام محمد
ولكنما تكفيره وقتاله
فقاتل من قددان بالكفر واعتدى
عن المسلمين الطائعين لربهم
وهب أن هذا قول كل منافق
(( فما كل قول بالقبول مقابل
ولا تلق للفساق سمعك واتئد
وما مربد في قوله بمصدق
فهذى تصانيف الامام شهيرة
وليسا وتمويها على الأعين الرمد
فما باله لم ينته الرجل النجدي ))
مدونة مروبة عن ذوي النقد
على ترك مرتد عن الدين ذي جحد
وباطنه في الاعتقاد على الضد
من الدين اركانا فتدرأ عن حد
وباطن ما يخفى إلى الواحد الفرد
فليس له عاصم موجب يجدي
ففي ذاك تفصيل يبين لذي الرشد
باحراق من صلى وذاك على عمد
وقد فرضت عينا على كل مستهد
لا حرقهم فيما فباؤا بما يرى
ولا باطل لكن بحق وعن رشد
بحكم النبي المصطفى كامل المجد
ولا عابه في قتله ثم عن عمد
جذيمة لما أخطؤا باذلو الجهد
بذلك أسلمنا ولم يدر بالقصد
جميعاً فخذ بالعلم عن كل مستهد
عليه علي بل اباد ذوي اللد
وكانت صلاة القوم في غاية الحد
مع القوم من حسن الاداء مع الجهد
ولم يجرمنا في خطاء ولا عمد
لملتزم الاسلام ممن على العهد
لعباد أوثان طغاة ذوي جحد
وكف اكف المسلمين ذوي الرشد
ولم يشركوا بالواحد الصمد الفرد
يصد عن التوحيد بالجد والجهد
فحقق إذا رمت النجاة لما تبدي ))
ففيه وعيد ليس يخفى لذي النقد
فقد كان زند يقالدي كل مستهد
مدونة معلومة لذوي الرشد
قال المعترض في شرحه لابياته اخرج احمد والشافعي في مسنديهما من حديث عبد الله بن عدي بن الخيار أن رجلاً من الانصار حدثه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (( أليس يشهد أن لا إله إلا الله )) فقال الانصارى بلى يا رسول الله ولا شهادة له ، قال (( أليس يشهد أن محمداً رسول الله )) قال بلى ولا شهادة له قال (( أليس يصلي )) قال بلى ولا صلاة له قال (( أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم )) وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد في قصة الرجل الذي قال يا رسول الله اتق الله وفيه فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ فقال (( لا لعله أن يكون يصلي )) فقال خالد فكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إني لم أؤمر أن انقب عن قلوب الناس ولا أشق قلوبهم )) وفي الحديث الآخر (( نهيت عن قتل المصلين )) فجعل المصلين صلى الله عليه وسلم اقامة الرجل الصلاة ما نعه عن قتله وانه نهاه الله عنه .
( فالجواب ) أن يقال سبحان الله ما أعظم شأنه وأعز سلطانه ( كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون ) اين إيراد هذه الاحاديث مما نحن فيه فان الشيخ رحمه الله تعالى لم يقاتل الاعلى أصل الاسلام ، والتزام مبانيه العظام ، ومن نقل عنه أنه قاتل على غير ذلك فقد كذب وافترى . على أن بعض العلماء يرى القتال على ترك الواجبات فكيف بما اجمع عليه سلف الامة وأئمتها ؟ وقد كان أهل نجد قبل ظهور هذه الدعوة المحمدية على غاية من الجهالة والضلالة والفقر والعالة لا يستريب في ذلك عاقل ولا يجادل فيه عارف كانوا على غاية من الجهالة في أمر دينهم جاهلية يدعون الصالحين ن ويعتقدون في الاشجار والاحجار والغيران يطوفون بقبور الاولياء ويرجعون الخير والنصر من جهتها ، وفيهم من كفر الاتحادية والحلولية وجهالة الصوفية ما يرون انه من الشعب الابمانية والطريقة المحمدية وفيهم من اضاعة الصلوات ومنع الزكاة وشرب المسكرات ما هو معروف مشهور ، فمحا الله بدعوته شعار الشرك ومشاهده وهدم بيوت الكفر والشرك ومعابده وكبت الطواغيت والملحدين ن والزم من ظهر عليه من البوادي وسكتن القرى بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من التوحيد والهدى ، وكفر من أنكر البعث واسترب فيه من أهل الجهالة والجفا ، وأمر باقام الصلاة وايتاء الزكاة وترك المنكرات والمسكرات ، ونهى عن الابتداع في الدين ، وأمر بمتابعة السلف الماضين في الاصول والفروع ومسائل الدين ن حتى ظهر دين الله واستعلن واستبان بدعوته منهاج الشريعة والسنن وقام قائم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وحددت الحدود الشرعية ، وعزرت التعازير الدينية ن وانتصب علم الجهاد قاتل لاعلاء كلمة الله أهل الشرك والفس